فصل: بَابُ صَرِيحِ الطَّلَاقِ وَكِنَايَاتِهِ:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: كشاف القناع عن متن الإقناع



.بَابُ سُنَّةِ الطَّلَاقِ وَبِدْعَتِهِ:

طَلَاقُ السُّنَّةِ مَا أَذِنَ الشَّارِعُ فِيهِ وَالْبِدْعَةُ مَا نَهَى عَنْهُ وَلَا خِلَافَ أَنَّ الْمُطَلِّقَ عَلَى الصِّفَةِ الْأُولَى مُطَلِّقٌ لِلسُّنَّةِ قَالَهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْن عَبْدِ الْبَرِّ وَالْأَصْلُ فِيهِ قَوْله تَعَالَى {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إذَا طَلَّقْتُمْ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ}.
قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ وَابْنِ عَبَّاسٍ طَاهِرَاتٍ مِنْ غَيْرِ جِمَاعٍ وَحَدِيثُ «ابْنِ عُمَرَ لَمَّا طَلَّقَ امْرَأَتَهُ وَهِيَ حَائِضٌ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُرْهُ فَلْيُرَاجِعْهَا ثُمَّ لِيُمْسِكْهَا حَتَّى تَطْهُرَ ثُمَّ تَحِيضَ فَتَطْهُرَ ثُمَّ إنْ شَاءَ طَلَّقَهَا طَاهِرًا قَبْلَ أَنْ يَمَسَّ» وَهُوَ فِي الصَّحِيحَيْنِ (السُّنَّةُ فِيهِ) أَيْ الطَّلَاقِ (أَنْ يُطَلِّقَهَا وَاحِدَةً) لِقَوْلِ عَلِيٍّ رَوَاهُ النَّجَّادُ (فِي طُهْرٍ لَمْ يُصِبْهَا فِيهِ) لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ قَوْلِ ابْنِ مَسْعُودٍ وَابْنِ عَبَّاسٍ (ثُمَّ يَدَعُهَا فَلَا يُتْبِعُهَا طَلَاقًا آخَرَ حَتَّى تَنْقَضِيَ عِدَّتُهَا) لِقَوْلِ عَلِيٍّ: لَا يُطَلِّقُ أَحَدٌ السُّنَّة فَيَنْدَمَ رَوَاهُ الْأَثْرَمُ.
وَهَذَا لَا يَحْصُلُ إلَّا فِي حَقِّ مَنْ لَمْ يُطَلِّقْ ثَلَاثًا وَلِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ الطَّلَاقِ فِرَاقُهَا وَفِرَاقُهَا حَاصِلٌ بِالطَّلَاقِ الْأَوَّلِ (إلَّا فِي طُهْرٍ يَتَعَقَّبُ الرَّجْعَةَ مِنْ طَلَاقٍ) فِي (حَيْضٍ فَبِدْعَةٌ) فِي ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ لِحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ السَّابِقِ (زَادَ فِي التَّرْغِيبِ وَيَلْزَمُهُ وَطْؤُهَا) أَيْ وَطْءُ مَنْ طَلَّقَهَا وَهِيَ حَائِضٌ ثُمَّ رَاجَعَهَا إذَا طَهُرَتْ وَاغْتَسَلَتْ (وَإِنْ طَلَّقَ الْمَدْخُولَ بِهَا فِي حَيْضٍ) أَوْ نِفَاسٍ (أَوْ طُهْرٍ أَصَابَهَا فِيهِ وَلَوْ) أَنَّهُ طَلَّقَهَا (فِي آخِرِهِ) أَيْ آخِرِ الطُّهْرِ الَّذِي أَصَابَهَا فِيهِ (وَلَمْ يَسْتَبِنْ) أَيْ يَظْهَرَ وَيَتَّضِحَ (حَمْلُهَا فَهُوَ طَلَاقُ بِدْعَةٍ مُحَرَّمٌ) لِمَفْهُومِ مَا تَقَدَّمَ.
(وَيَقَعُ نَصًّا) طَلَاقُ الْبِدْعَةِ قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ عَبْدَ الْبَرِّ لَمْ يُخَالِفْ فِي ذَلِكَ إلَّا أَهْلُ الْبِدَعِ وَالضَّلَال انْتَهَى لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ بِالْمُرَاجَعَةِ وَهِيَ لَا تَكُونُ إلَّا بَعْدَ وُقُوعِ الطَّلَاقِ وَفِي لَفْظِ الدَّارَقُطْنِيّ قَالَ «قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرَأَيْتَ لَوْ أَنِّي طَلَّقْتُهَا ثَلَاثًا قَالَ كَانَتْ تَبِينُ مِنْكَ وَتَكُونُ مَعْصِيَةً» وَذَكَرَ فِي الشَّرْح هَذَا الْحَدِيثُ مَعَ غَيْرِهِ.
وَقَالَ كُلُّهَا أَحَادِيثُ صِحَاحٌ.
وَقَالَ نَافِعٌ وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ طَلَّقَهَا تَطْلِيقَةً فَحُسِبَتْ مِنْ طَلَاقِهِ رَاجَعَهَا كَمَا أَمَرَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلِأَنَّهُ طَلَاقٌ مِنْ مُكَلَّفٍ فِي مَحَلِّهِ فَوَقَعَ كَطَلَاقِ الْحَامِلِ وَلِأَنَّهُ لَيْسَ بِقُرْبَةٍ فَيُعْتَبَرُ لِوُقُوعِهِ مُوَافَقَةَ السُّنَّةِ بَلْ هُوَ إزَالَةُ عِصْمَةٍ وَقَطْعُ مِلْكٍ فَإِيقَاعُهُ فِي زَمَنِ الْبِدْعَةِ أَوْلَى تَغْلِيظًا عَلَيْهِ وَعُقُوبَةً لَهُ.
(وَتُسَنُّ رَجَعْتُهَا) أَيْ رَجْعَةُ الْمُطَلَّقَةِ زَمَنَ الْبِدْعَةِ (إنْ كَانَ) الطَّلَاقُ (رَجْعِيًّا فَإِذَا رَاجَعَهَا وَجَبَ إمْسَاكُهَا حَتَّى تَطْهُرَ) فَإِذَا طَهُرَتْ سُنَّ أَنْ يُمْسِكَهَا حَتَّى تَحِيضَ حَيْضَةً أُخْرَى فَإِذَا طَلَّقَهَا فِي هَذَا الطُّهْرِ قَبْلَ أَنْ يَمَسَّهَا فَهُوَ طَلَاقُ سُنَّةٍ لِحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ السَّابِقِ.
(وَلَوْ عَلَّقَ طَلَاقَهَا بِقِيَامِهَا أَوْ) عَلَّقَهُ (بِقُدُومِ زَيْدٍ فَقَامَتْ) وَهِيَ حَائِضٌ (أَوْ قَدِمَ) زَيْدٌ (وَهِيَ حَائِضٌ طَلُقَتْ لِلْبِدْعَةِ) لِوُقُوعِ الطَّلَاقِ فِي الْحَيْضِ (وَلَا إثْمَ) عَلَى الْمُطَلِّقِ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَعَمَّدْ إيقَاعَ الطَّلَاق زَمَنَ الْبِدْعَةِ (وَإِنْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ إذَا قَدِمَ زَيْدٌ السُّنَّةَ فَقَدِمَ) زَيْدٌ (فِي زَمَانِ السُّنَّةِ) أَيْ فِي طُهْرٍ لَمْ يُصِبْهَا فِيهِ (طَلُقَتْ) لِوُجُودِ الصِّفَةِ (وَإِنْ قَدِمَ) زَيْدٌ (فِي زَمَانِ الْبِدْعَةِ لَمْ يَقَعْ) الطَّلَاقُ عِنْدَ قُدُومِهِ لِأَنَّهَا إذَنْ لَيْسَتْ مِنْ أَهْلِ السُّنَّةِ فَلَمْ يُوجَدْ تَمَامَ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ (فَإِذَا صَارَتْ إلَى زَمَانِ السُّنَّةِ وَقَعَ) الطَّلَاقُ لِوُجُودِ الشَّرْطِ (وَإِنْ قَالَ ذَلِكَ) أَيْ أَنْتِ طَالِقٌ عِنْد قُدُومِ زَيْدٍ (لَهَا) أَيْ لِزَوْجَتِهِ (قَبْلَ الدُّخُولِ طَلُقَتْ عِنْدَ قُدُومِهِ حَائِضًا كَانَتْ أَوْ طَاهِرًا) لِأَنَّهُ لَا سُنَّةَ لَهَا وَلَا بِدْعَةَ (وَإِنْ) قَالَهُ لَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ و(قَدِمَ) زَيْدٌ (بَعْدَ دُخُولِهِ بِهَا فِي طُهْرٍ لَمْ يُصِبْهَا فِيهِ طَلُقَتْ) حِين قُدُومه لِوُجُودِ الصِّفَةِ لِأَنَّهَا إذَنْ مِنْ أَهْلِ السُّنَّةِ (وَإِنْ قَدِمَ) زَيْدٌ (زَمَنَ الْبِدْعَةِ) أَيْ فِي حَيْضٍ أَوْ نِفَاسٍ أَوْ طُهْرٍ وَطِئَ فِيهِ (لَمْ تَطْلُقْ حَتَّى يَجِيءَ زَمَنُ السُّنَّةِ) لِيُوجَدَ الشَّرْطُ.
(وَإِنْ طَلَّقَهَا) أَيْ طَلَّقَ رَجُلٌ زَوْجَتَهُ (ثَلَاثًا بِكَلِمَةٍ) حُرِّمَتْ نَصًّا وَوَقَعَتْ وَيُرْوَى ذَلِكَ عَنْ عُمَرَ وَعَلِيٍّ وَابْنِ مَسْعُودٍ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَابْنِ عُمَرَ وَعَنْ مَالِكِ بْنِ الْحَارِثِ قَالَ جَاءَ رَجُلٌ إلَى ابْنِ عَبَّاسٍ فَقَالَ إنَّ عَمِّي طَلَّقَ امْرَأَتَهُ ثَلَاثًا فَقَالَ إنَّ عَمَّك عَصَى اللَّهَ وَأَطَاعَ الشَّيْطَانَ فَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا وَوَجْهُ ذَلِكَ قَوْله تَعَالَى {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إذَا طَلَّقْتُمْ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ}- إلَى قَوْلِهِ-
{لَا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا}- ثُمَّ قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ-
{وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا} {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا} وَمَنْ جَمَعَ الثَّلَاثَ لَمْ يَبْقَ لَهُ أَمْرٌ يَحْدُثُ وَلَمْ يَجْعَلْ، اللَّهُ لَهُ مَخْرَجًا وَلَا مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا.
وَرَوَى النَّسَائِيُّ بِإِسْنَادِهِ عَنْ مَحْمُودِ بْنِ لَبِيدٍ قَالَ «أُخْبِرَ رَسُولُ اللَّهِ عَنْ رَجُلٍ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ ثَلَاثَ تَطْلِيقَاتٍ جَمِيعًا فَغَضِبَ ثُمَّ قَالَ أَيُلْعَبُ بِكِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَأَنَا بَيْنَ أَظْهُرِكُمْ، حَتَّى قَامَ رَجُلٌ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَلَا أَقْتُلُهُ».
وَفِي حَدِيثِ «ابْنِ عُمَرَ قَالَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرَأَيْتَ لَوْ طَلَّقْتَهَا ثَلَاثًا قَالَ إذَنْ عَصَيْتَ وَبَانَتْ مِنْكَ امْرَأَتُكَ» وَلِأَنَّ ذَلِكَ تَحْرِيمٌ لِلْبُضْعِ بِالْقَوْلِ فَأَشْبَهَ الظِّهَارَ بَلْ أَوْلَى لِأَنَّ الظِّهَارَ يَرْتَفِعُ بِالتَّكْفِيرِ وَهَذَا لَا سَبِيلَ لِلزَّوْجِ إلَى رَفْعِهِ بِحَالٍ وَلَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ مَا قَبْلَ الدُّخُولِ أَوْ بَعْدِهِ رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ وَأَبِي هُرَيْرَةَ وَابْنِ عُمَرَ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو وَابْنِ مَسْعُودٍ وَأَنَسٍ وَهُوَ قَوْلُ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنْ التَّابِعِينَ وَالْأَئِمَّةِ بَعْدِهِمْ وَأَمَّا مَا رَوَى طَاوُسٌ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ «كَانَ الطَّلَاقُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ وَأَبِي بَكْرٍ وَسَنَتَيْنِ مِنْ خِلَافَةِ عُمَرَ طَلَاقُ الثَّلَاثِ وَاحِدَةٌ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد فَقَدْ قَالَ الْأَثْرَمُ سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ عَنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ بِأَيِّ شَيْءٍ تَدْفَعُهُ قَالَ أَدْفَعُهُ بِرِوَايَةِ النَّاسِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ مِنْ وُجُوهٍ خِلَافَهُ ثُمَّ ذَكَرَ عَنْ عِدَّةٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ مِنْ وُجُوهٍ خِلَافَهُ أَنَّهَا ثَلَاثٌ وَقِيلَ مَعْنَى حَدِيثِ ابْن عَبَّاسٍ أَنَّ النَّاسَ كَانُوا يُطَلِّقُونَ وَاحِدَةً عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ وَأَبِي بَكْرٍ وَإِلَّا فَلَا يَجُوزُ أَنْ يُخَالِفَ عُمَرُ فِيمَا كَانَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَهْدِ أَبِي بَكْرٍ وَلَا يَكُونُ لِابْنِ عَبَّاسٍ أَنْ يَرْوِيَ هَذَا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَيُفْتِي بِخِلَافِهِ.
(أَوْ) طَلَّقَهَا ثَلَاثًا (بِكَلِمَاتٍ فِي طُهْرٍ لَمْ يُصِبْهَا فِيهِ أَوْ) طَلَّقَهَا ثَلَاثًا (فِي أَطْهَارٍ قَبْلَ رَجْعَةٍ حَرُمَ) ذَلِكَ (نَصًّا) لِمَا تَقَدَّمَ (لَا) إنْ طَلَّقَهَا (اثْنَتَيْنِ) فَلَا يَحْرُمُ لِأَنَّهُمَا لَا يَمْنَعَانِ مِنْ رَجْعَتِهَا إذَا نَدِمَ فَلَمْ يَسُدَّ الْمَخْرَجَ عَلَى نَفْسِهِ لِكَوْنِهِ فَوَّتَ عَلَى نَفْسِهِ طَلْقَةً جَعَلَهَا اللَّهُ لَهُ مِنْ غَيْرِ فَائِدَةٍ تَحْصُل لَهُ بِهَا فَكَانَ مَكْرُوهًا كَتَضْيِيعِ الْمَالِ قَالَهُ فِي الشَّرْحِ (وَلَا بِدْعَةَ فِيهَا) أَيْ الثَّلَاثُ (بَعْد رَجْعَةٍ أَوْ عَقْدٍ) كَإِنْ طَلَّقَهَا طَلْقَةً ثُمَّ رَاجَعَهَا أَوْ عَقَدَ عَلَيْهَا ثُمَّ طَلَّقَهَا أُخْرَى ثُمَّ رَاجَعَهَا أَوْ عَقَدَ عَلَيْهَا ثُمَّ طَلَّقَهَا الثَّالِثَةَ.
(وَإِذَا كَانَتْ الْمَرْأَةُ صَغِيرَةً أَوْ آيِسَةً أَوْ غَيْرِ مَدْخُولٍ بِهَا أَوْ اسْتَبَانَ حَمْلُهَا فَلَا سُنَّةَ لِطَلَاقِهَا وَلَا بِدْعَةَ فِي وَقْتٍ وَلَا عَقْدَ) لِأَنَّ غَيْرَ الْمَدْخُولِ بِهَا لَا عِدَّةَ عَلَيْهَا وَالصَّغِيرَةُ وَالْآيِسَةُ عِدَّتُهَا بِالْأَشْهُرِ فَلَا تَحْصُل الرِّيبَةُ وَالْحَامِلُ الَّتِي اسْتَبَانَ حَمْلُهَا عِدَّتُهَا بِوَضْعِ الْحَمْلِ فَلَا رِيبَةَ لِأَنَّ حَمْلَهَا قَدْ اسْتَبَانَ بِخِلَافِ مَا لَمْ يَسْتَبِنْ حَمْلُهَا وَطَلَّقَهَا ظَنًّا أَنَّهَا حَامِلٌ ثُمَّ ظَهَرَ حَمْلُهَا رُبَّمَا نَدِمَ عَلَى ذَلِكَ (فَلَوْ قَالَ لِإِحْدَاهُنَّ) أَيْ لِصَغِيرَةٍ أَوْ آيِسَةٍ أَوْ غَيْرِ مَدْخُولٍ بِهَا أَوْ تَبَيَّنَ حَمْلُهَا (أَنْتِ طَالِقٌ لِلسُّنَّةِ) طَلُقَتْ فِي الْحَالِ (أَوْ قَالَ) لَهَا أَنْتِ طَالِقٌ (لِلْبِدْعَةِ) طَلُقَتْ فِي الْحَالِ (أَوْ قَالَ) لَهَا أَنْتِ طَالِقٌ (لِلسُّنَّةِ وَالْبِدْعَةِ أَوْ لَا لِلسُّنَّةِ أَوْ لَا لِلْبِدْعَةِ طَلُقَتْ فِي الْحَالِ) لِأَنَّ طَلَاقَهَا لَا يَتَّصِفُ بِسُنَّةٍ وَلَا بِدْعَةٍ فَيَلْغُو وَصْفُهُ بِهِ وَيَبْقَى الطَّلَاقُ بِدُونِ الصِّفَة فَيَقَعُ فِي الْحَالِ (وَإِنْ قَالَ) لِإِحْدَاهُنَّ أَنْتِ طَالِقُ (لِلسُّنَّةِ طَلْقَةً وَلِلْبِدْعَةِ طَلْقَةً وَقَعَ طَلْقَتَانِ لِمَا سَبَقَ وَيَدِينُ أَيْ يَقْبَلُ مِنْهُ بِالْإِضَافَةِ إلَى مَا بَيْنَهُ) وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى بَاطِنًا (فِي غَيْرِ آيِسَةٍ إذَا قَالَ أَرَدْتُ إذَا صَارَتْ مِنْ أَهْلِ ذَلِكَ الْوَصْفِ) أَيْ السُّنَّةِ أَوْ الْبِدْعَةِ (وَيُقْبَلُ) مِنْهُ (حُكْمًا) لِأَنَّ لَفْظَهُ يَحْتَمِلُهُ بِخِلَافِ الْآيِسَةِ إذْ لَا يُمْكِنُ فِيهَا ذَلِكَ.
(وَإِنْ قَالَهَا) أَيْ لِزَوْجَتِهِ (فِي الطُّهْرِ الَّذِي جَامَعَهَا فِيهِ أَنْتِ طَالِقٌ لِلسُّنَّةِ فَيَئِسَتْ مِنْ الْمَحِيضِ أَوْ اسْتَبَانَ حَمْلُهَا لَمْ تَطْلُقْ) لِأَنَّهُ لَا سُنَّةَ لَهَا مَا دَامَتْ كَذَلِكَ.
(وَإِنْ قَالَ لِمَنْ لِطَلَاقِهَا سُنَّة وَبِدْعَةٌ أَنْتِ طَالِقٌ طَلْقَةً لِلسُّنَّةِ وَطَلْقَةً لِلْبِدْعَةِ طَلُقَتْ طَلْقَةً فِي الْحَالِ) لِأَنَّ حَالَهَا لَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَكُونَ فِي زَمَنِ السُّنَّةِ فَتَقَعُ الطَّلْقَةُ الْمُعَلَّقَةُ عَلَى السُّنَّةِ أَوْ فِي زَمَنِ الْبِدْعَةِ فَتَقَعُ الطَّلْقَةُ الْمُعَلَّقَةُ عَلَى الْبِدْعَةِ (وَ) طَلُقَتْ (طَلْقَةً) أُخْرَى (فِي ضِدِّ حَالِهَا الرَّاهِنَةِ) أَيْ الثَّابِتَةِ حِينَ قَوْلِهِ لَهَا ذَلِكَ لِأَنَّ الطَّلْقَةَ الثَّانِيَةَ مُعَلَّقَةٌ عَلَى ضِدِّ الْحَالِ الَّتِي هِيَ عَلَيْهَا حَالَ الْقَوْلِ.
(وَ) إنْ قَالَ لَهَا (أَنْتِ طَالِقٌ لِلسُّنَّةِ) وَهِيَ (فِي طُهْرٍ لَمْ يُصِبْهَا فِيهِ طَلُقَتْ فِي الْحَالِ) لِأَنَّ مَعْنَى لِلسُّنَّةِ فِي وَقْت السُّنَّة وَذَلِكَ وَقْتُهَا (وَإِنْ كَانَتْ حَائِضًا طَلُقَتْ إذَا طَهُرَتْ) أَيْ (انْقَطَعَ حَيْضُهَا وَلَمْ تَغْتَسِلْ) لِأَنَّ الصِّفَةَ قَدْ وُجِدَتْ (وَإِنْ كَانَتْ فِي طُهْرٍ أَصَابَهَا فِيهِ طَلُقَتْ إذَا طَهُرَتْ مِنْ الْحَيْضَةِ الْمُسْتَقْبَلَةِ) لِأَنَّ ذَلِكَ وَقْتَ السُّنَّةِ فِي حَقِّهَا لَا سُنَّةَ لَهَا قَبْلَهَا.
(وَ) إنْ قَالَ لَهَا (أَنْتِ طَالِقٌ لِلْبِدْعَةِ وَهِيَ حَائِضٌ أَوْ) وَهِيَ (فِي طُهْرٍ أَصَابَهَا فِيهِ طَلُقَتْ فِي الْحَالِ) لِأَنَّ ذَلِكَ هُوَ وَقْتُ الْبِدْعَةِ (وَإِنْ كَانَتْ فِي طُهْرٍ لَمْ يُصِبْهَا فِيهِ).
وَقَالَ لَهَا أَنْتِ طَالِقٌ لِلْبِدْعَةِ (طَلُقَتْ إذَا أَصَابَهَا وَحَاضَتْ، لَكِنْ) إنْ أَصَابَهَا (يَنْزِع فِي الْحَالِ بَعْدَ إيلَاجِ الْحَشَفَةِ إنْ كَانَ الطَّلَاقُ ثَلَاثًا) أَوْ كَانَتْ طَلْقَةً مُكَمِّلَةً لِمَا يَمْلِكُهُ مِنْ الطَّلَاقِ لِبَيْنُونَتِهَا عَقِبَ ذَلِكَ (فَإِنْ اسْتَدَامَ) أَيْ لَمْ يَنْزِعْ فِي الْحَالِ (حُدَّ عَالِمٌ) بِالْحُكْمِ لِانْتِفَاءِ الشُّبْهَةِ (وَعُزِّرَ غَيْرُهُ) أَيْ غَيْرُ الْعَالِمِ وَهُوَ الْجَاهِلُ وَالنَّاسِي لِمَا نَالَهُ مِنْ ذَلِكَ.
(وَ) إنْ قَالَ لِمَنْ لَهَا سُنَّةٌ وَبِدْعَةٌ (أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا لِلسُّنَّةِ تَطْلُقُ الْأُولَى فِي طُهْرٍ لَمْ يُصِبْهَا فِيهِ وَ) تَطْلُقُ (الثَّانِيَةُ طَاهِرَةً بَعْدَ رَجْعَةٍ أَوْ عَقْدٍ وَكَذَا) تَطْلُقُ (الثَّالِثَةُ) طَاهِرَةً بَعْدَ رَجْعَةٍ أَوْ عَقْدٍ لِأَنَّ جَمْعَ الثَّلَاثِ بِدْعَةٌ لِمَا تَقَدَّمَ (وَعَنْهُ تَطْلُقُ ثَلَاثًا فِي طُهْرٍ لَمْ يُصِبْهَا فِيهِ وَهُوَ الْمَنْصُوص، وَصَحَّحَهُ) جَمْعٌ بِنَاءً عَلَى أَنَّ جَمْعَ الثَّلَاثِ مِنْ السُّنَّةِ.
(وَ) إنْ قَالَ (أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا نِصْفُهَا لِلسُّنَّةِ وَنِصْفُهَا لِلْبِدْعَةِ، أَوْ قَالَ بَعْضُهُنَّ لِلسُّنَّةِ وَبَعْضُهُنَّ لِلْبِدْعَةِ طَلُقَتْ طَلْقَتَيْنِ فِي الْحَالِ) لِأَنَّهُ سَوَّى بَيْنَ الْحَالَيْنِ، فَاقْتَضَى الظَّاهِرُ أَنْ يَكُونَا سَوَاءً فَيَقَعُ فِي الْحَالِ طَلْقَةُ وَنِصْفُ ثُمَّ يُكَمَّلُ النِّصْفَ لِكَوْنِ الطَّلَاقِ لَا يَتَبَعَّضُ.
(وَ) تَقَعُ (الثَّالِثَةُ فِي ضِدِّ حَالِهَا الرَّاهِنَةِ) أَيْ الثَّانِيَةِ وَقْتَ تَعْلِيقِهِ (وَكَذَا) لَوْ قَالَ (أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا لِلسُّنَّةِ وَالْبِدْعَةِ وَأَطْلَقَ) فَلَمْ يَقُلْ نِصْفَيْنِ، وَلَا بَعْضَهُنَّ لِلسُّنَّةِ وَبَعْضَهُنَّ لِلْبِدْعَةِ فَيَقَعُ فِي الْحَالِ طَلْقَتَانِ وَالْأُخْرَى فِي ضِدِّ حَالِهَا إذَنْ.
(وَ) إنْ قَالَ (أَنْتِ طَالِقٌ طَلْقَتَانِ لِلسُّنَّةِ وَوَاحِدَةٌ لِلْبِدْعَةِ أَوْ عَكْسَهُ) بِأَنْ قَالَ طَلْقَتَانِ لِلْبِدْعَةِ وَوَاحِدَةٌ لِلسُّنَّةِ (فَهُوَ) أَيْ طَلَاقُهُ (عَلَى مَا قَالَ فَإِنْ أَطْلَقَ) فِي قَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا لِلسُّنَّةِ وَالْبِدْعَةِ (ثُمَّ قَالَ نَوَيْتُ ذَلِكَ) أَيْ طَلْقَتَيْنِ لِلسُّنَّةِ وَوَاحِدَةً لِلْبِدْعَةِ أَوْ عَكْسَهُ (فَإِنْ فَسَّرَ نِيَّتَهُ بِمَا يُوقِعُ فِي الْحَالِ طَلْقَتَيْنِ طَلُقَتْ وَقَبِلَ)؛ لِأَنَّهُ أَقَرَّ عَلَى نَفْسِهِ بِالْأَغْلَظِ، (وَإِنْ فَسَّرَهَا بِمَا يُوقِعُ طَلْقَةً وَاحِدَةً) فِي الْحَالِ (وَيُؤَخِّرُ اثْنَتَيْنِ دِينَ وَيُقْبَلُ فِي الْحُكْمِ) لِأَنَّ لَفْظَهُ يَحْتَمِلُهُ وَهُوَ أَدْرَى بِنِيَّتِهِ.
(وَ) إنْ قَالَ (أَنْتِ طَالِقٌ فِي كُلِّ قُرْءٍ طَلْقَةً وَهِيَ حَامِلٌ أَوْ مِنْ اللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ لَمْ تَطْلُقْ حَتَّى تَحِيضَ فَتَطْلُقَ فِي كُلِّ حَيْضَةٍ طَلْقَةً) لِوُجُودِ الشَّرْطِ وَالْقُرْءُ الْحَيْضُ وَيُطْلَقُ أَيْضًا عَلَى الطُّهْرِ بَيْنَ الْحَيْضَتَيْنِ (وَإِنْ كَانَتْ) حِينَ التَّعْلِيقِ (فِي الْقُرْءِ) أَيْ الْحَيْضِ (وَقَعَ بِهَا وَاحِدَةً فِي الْحَالِ وَيَقَع بِهَا طَلْقَتَانِ فِي قُرْأَيْنِ آخَرَيْنِ فِي أَوَّلِ كُلِّ قُرْءٍ مِنْهُمَا) طَلْقَةً لِوُجُودِ الصِّفَةِ.
(وَ) الزَّوْجَةُ (غَيْرُ الْمَدْخُولِ بِهَا تَبِينُ بِالطَّلْقَةِ الْأُولَى) فَلَا يَلْحَقُهَا مَا بَعْدَهَا مَا دَامَتْ بَائِنًا (فَإِنْ تَزَوَّجَهَا وَقَعَ بِهَا طَلْقَتَانِ فِي قُرْأَيْنِ) إنْ وَقَعَتْ الْأُولَى رَجْعِيَّةً وَإِلَّا فَإِذَا تَزَوَّجَهَا وَحَاضَتْ (وَإِنْ كَانَتْ آيِسَةً لَمْ تَطْلُقْ) لِعَدَمِ وُجُودِ الشَّرْطِ.
(وَيُبَاحُ خُلْعٌ وَطَلَاقٌ) بِعِوَضٍ (بِسُؤَالِهَا زَمَنَ بِدْعَةٍ) لِأَنَّهَا أَدْخَلَتْ الضَّرَر عَلَى نَفْسِهَا (وَتَقَدَّمَ فِي بَابِ الْحَيْضِ) وَالنِّفَاسُ كَالْحَيْضِ فِي جَمِيعِ مَا تَقَدَّمَ كَمَا سَبَقَ هُنَاكَ.
(وَ) إنْ قَالَ (أَنْتِ طَالِقٌ لِلسُّنَّةِ إنْ كَانَ الطَّلَاقُ يَقَع عَلَيْك لِلسُّنَّةِ وَهِيَ فِي زَمَنِ السُّنَّةِ) أَيْ فِي طُهْرٍ لَمْ يُصِبْهَا فِيهِ (طَلُقَتْ بِوُجُودِ الصِّفَةِ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ فِي زَمَنِ السُّنَّةِ انْحَلَّتْ الصِّفَةُ وَلَمْ يَقَعْ الطَّلَاقُ بِحَالٍ) لَوْ صَارَتْ مِنْ أَهْلِ السُّنَّةِ.
(وَ) إنْ قَالَ (أَنْتِ طَالِقٌ لِلْبِدْعَةِ إنْ كَانَ الطَّلَاقُ يَقَعُ عَلَيْك لِلْبِدْعَةِ إنْ كَانَتْ فِي زَمَن الْبِدْعَةِ وَقَعَ فِي الْحَالِ وَإِلَّا لَمْ يَقَعْ بِحَالٍ) وَانْحَلَّتْ الصِّفَةُ كَمَا سَبَقَ فِي عَكْسِهِ (وَإِنْ كَانَتْ) الْمَقُولُ لَهَا ذَلِكَ (مِمَّنْ لَا سُنَّةَ لِطَلَاقِهَا وَلَا بِدْعَةَ لَمْ يَقَعْ) الطَّلَاقُ (فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ) لِعَدَمِ وُجُودِ شَرْطِهِ.
(وَ) إنْ قَالَ (أَنْتِ طَالِقٌ أَحْسَنَ الطَّلَاقِ أَوْ أَجْمَلَهُ أَوْ أَقْرَبَهُ أَوْ أَعْدَلَهُ أَوْ أَكْمَلَهُ أَوْ أَفْضَلَهُ أَوْ أَتَمَّهُ أَوْ أَسَنَّهُ أَوْ طَلْقَةً سُنِّيَّةً أَوْ) طَلْقَةً (حَلِيلَةً وَنَحْوَهُ) كَطَلْقَةٍ فَاضِلَةٍ أَوْ عَادِلَةٍ أَوْ كَامِلَةٍ فَذَلِكَ كَقَوْلِهِ (أَنْتِ طَالِقٌ لِلسُّنَّةِ) فَإِنْ كَانَتْ فِي طُهْرٍ لَمْ يُصِبْهَا فِيهِ وَقَعَ فِي الْحَالِ، وَإِلَّا فَإِذَا صَارَتْ كَذَلِكَ وَيَصِحُّ وَصْفُ الطَّلَاقِ بِالسُّنَّةِ وَالْحُسْنِ وَالْكَمَالِ وَنَحْوِهِ، لِكَوْنِهِ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ مُوَافِقًا لِلسُّنَّةِ مُطَابِقًا لِلشَّرْعِ.
(وَ) إنْ قَالَ لَهَا أَنْتِ طَالِقٌ (أَقْبَحَهُ) أَيْ أَقْبَحَ الطَّلَاقِ (أَوْ أَسْمَجَهُ أَوْ أَرْدَأَهُ أَوْ أَفْحَشَهُ أَوْ أَنْتَنَهُ وَنَحْوَهُ) كَانَتْ طَالِقٌ طَلْقَةً قَبِيحَةً أَوْ رَدِيئَةً.
كَقَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ (لِلْبِدْعَةِ) فَإِنْ كَانَتْ فِي طُهْرٍ أَصَابَهَا فِيهِ أَوْ حَائِضًا وَقَعَ فِي الْحَالِ، وَإِلَّا فَإِذَا صَارَتْ كَذَلِكَ لِأَنَّ الْحُسْنَ وَالْقُبْحَ فِي الْأَفْعَالِ إنَّمَا هُوَ مِنْ جِهَةِ الشَّارِعِ فَمَا حَسَّنَهُ الشَّرْعُ فَهُوَ حَسَنٌ وَمَا قَبَّحَهُ الشَّرْعُ فَهُوَ قَبِيحٌ وَقَدْ أَذِنَ الشَّرْعُ فِي الطَّلَاقِ فِي زَمَنِ فَسُمِّيَ زَمَانَ السُّنَّةِ، وَنَهَى عَنْهُ فِي زَمَنٍ فَسُمِّيَ زَمَانَ الْبِدْعَةِ وَإِلَّا فَالطَّلَاقُ فِي نَفْسِهِ فِي الزَّمَانَيْنِ وَاحِدٌ وَإِنَّمَا حَسُنَ أَوْ قَبُحَ بِالْإِضَافَةِ إلَى زَمَانِهِ (إلَّا أَنْ يَنْوِيَ: أَحْسَنَ أَحْوَالِكِ أَوْ أَقْبَحَهَا أَنْ تَكُونِي مُطَلَّقَةً فَيَقَعُ، فِي الْحَالِ) لِأَنَّ هَذَا يُوجَدُ فِي الْحَالِ، وَلِأَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ بِذَلِكَ الصِّفَةَ فَيَلْغُو وَيَقَعُ فِي الْحَالِ (لَكِنْ لَوْ نَوَى) بِقَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ (أَحْسَنَهُ) أَيْ أَحْسَنَ الطَّلَاقِ (بِزَمَنٍ الْبِدْعَةِ لِشِبْهِهِ بِخُلُقِهَا الْقَبِيحِ أَوْ) نَوَى (بِأَقْبَحِهِ زَمَنَ السُّنَّةِ بِقُبْحِ عَشْرَتِهَا) فَإِنْ نَوَى الْأَغْلَظَ عَلَيْهِ قُبِلَ مُؤَاخَذَةً لَهُ بِإِقْرَارِهِ وَإِنْ نَوَى غَيْرَهُ (لَمْ يُقْبَلْ) قَوْلُهُ (إلَّا بِقَرِينَةٍ) لِأَنَّهُ خِلَافُ الظَّاهِرِ.
(وَ) إنْ قَالَ (أَنْتِ طَالِقٌ فِي الْحَالِ السُّنَّةِ، وَهِيَ حَائِضٌ، أَوْ) قَالَ أَنْتِ (طَالِقٌ الْبِدْعَةِ فِي الْحَالِ، وَهِيَ فِي طُهْرٍ لَمْ يُصِبْهَا فِيهِ) تَطْلُقُ فِي الْحَالِ وَتَلْغُو الصِّفَةُ (أَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ طَلْقَةً حَسَنَةً قَبِيحَةً، أَوْ) طَلْقَةً (فَاحِشَةً جَمِيلَةً أَوْ) طَلْقَةً (تَامَّةً نَاقِصَةً تَطْلُقُ فِي الْحَالِ) لِأَنَّهُ وَصَفَهَا بِوَصْفَيْنِ مُتَضَادَّيْنِ فَلَغِيَا وَبَقِيَ مُجَرَّدُ الطَّلَاقِ فَوَقَعَ.
وَإِنْ قَالَ أَنْتِ طَالِقُ طَلَاقَ الْحَرَجِ فَقَالَ الْقَاضِي مَعْنَاهُ طَلَاقَ الْبِدْعَةِ لِأَنَّ الْحَرَجَ الضِّيقُ وَالْإِثْمُ وَحَكَى ابْنُ الْمُنْذِرِ عَنْ عَلِيٍّ أَنَّهُ يَقَعُ ثَلَاثًا لِأَنَّهُ الَّذِي يَمْنَعُهُ الرُّجُوعَ إلَيْهَا.

.بَابُ صَرِيحِ الطَّلَاقِ وَكِنَايَاتِهِ:

لَا يَقَعُ الطَّلَاقَ بِغَيْرِ لَفْظٍ فَلَوْ نَوَاهُ بِقَلْبِهِ مِنْ غَيْرِ لَفْظٍ لَمْ يَقَعْ، خِلَافًا لِابْنِ سِيرِينَ وَالزُّهْرِيُّ وَرُدَّ بِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «إنَّ اللَّهَ تَجَاوَزَ لِأُمَّتِي عَمَّا حَدَّثَتْ بِهِ أَنْفُسَهَا مَا لَمْ تَعْمَلْ أَوْ تَتَكَلَّمْ بِهِ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَلِأَنَّهُ إزَالَةُ مِلْكٍ فَلَمْ يَحْصُلْ بِمُجَرَّدِ النِّيَّةِ كَالْعِتْقِ.
وَانْقَسَمَ اللَّفْظُ إلَى صَرِيحٍ وَكِنَايَةٍ لِأَنَّهُ إزَالَةُ مِلْكِ النِّكَاحِ فَكَانَ لَهُ صَرِيحٌ وَكِنَايَةٌ كَالْعِتْقِ وَالْجَامِعُ بَيْنَهُمَا الْإِزَالَةُ (الصَّرِيحُ مَا لَا يَحْتَمِلُ غَيْرَهُ أَيْ بِحَسْبِ الْوَضْعِ الْعُرْفِيِّ مِنْ كُلّ شَيْءٍ) وُضِعَ لَهُ اللَّفْظُ مِنْ طَلَاقٍ وَعِتْقٍ وَظِهَارٍ وَغَيْرِهَا فَلَفْظُ الطَّلَاقِ صَرِيحٌ فِيهِ لِأَنَّهُ لَا يَحْتَمِلُ غَيْرَهُ فِي الْحَقِيقَةِ الْعُرْفِيَّةِ وَإِنْ قَبِلَ التَّأْوِيلَ عَلَى مَا يَأْتِي فِي بَابِهِ فَانْدَفَعَ مَا أَوْرَدَهُ ابْنُ قُنْدُسٍ فِي حَوَاشِيهِ عَلَى الْمُحَرَّرِ (وَالْكِنَايَةُ مَا يَحْتَمِلُ غَيْرَهُ وَيَدُلُّ عَلَى مَعْنَى الصَّرِيحِ وَصَرِيحُهُ لَفْظُ الطَّلَاقِ وَمَا تَصَرَّفَ مِنْهُ) لِأَنَّهُ مَوْضُوعٌ لَهُ عَلَى الْخُصُوصِ ثَبَتَ لَهُ عُرْفُ الشَّارِعِ وَالِاسْتِعْمَالِ، فَلَوْ قَالَ أَنْتِ طَلَاقٌ أَوْ الطَّلَاقُ أَوْ طَلَّقْتُكِ أَوْ مُطَلَّقَةً فَهُوَ صَرِيحٌ (لَا غَيْرُ) أَيْ لَيْسَ صَرِيحُهُ غَيْرَ لَفْظِ الطَّلَاقِ وَمَا تَصَرَّفَ مِنْهُ كَالسَّرَاحِ وَالْفِرَاق لِأَنَّهُمَا يُسْتَعْمَلَانِ فِي غَيْرِ الطَّلَاقِ كَثِيرًا فَلَمْ يَكُونَا صَرِيحَيْنِ، فِيهِ كَسَائِرِ كِنَايَاتِهِ.
قَالَ تَعَالَى {وَمَا تَفَرَّقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ} وَقَالَ {فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ} وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِهِ الطَّلَاقُ إذْ الْآيَةُ فِي الرَّجْعَةِ وَهِيَ إذَا قَارَبَتْ انْقِضَاءَ عِدَّتِهَا أَنْ يُمْسِكَهَا بِرَجْعَةٍ وَإِمَّا أَنْ يَتْرُكَهَا حَتَّى تَنْقَضِي عِدَّتُهَا فَالْمُرَادُ بِالتَّسْرِيحِ فِي الْآيَةِ قَرِيبٌ مِنْ مَعْنَاهُ اللُّغَوِيُّ وَهُوَ الْإِرْسَالُ (غَيْرُ أَمْرٍ نَحْوَ طَلِّقِي وَ) غَيْرُهُ (مُضَارِعٌ نَحْوَ أُطَلِّقُكِ وَ) غَيْرُ (مُطَلِّقَةٍ بِكَسْرِ اللَّام) اسْم فَاعِلٍ (فَلَا تَطْلُقُ بِهِ) لِأَنَّهُ يَدُلُّ عَلَى الْإِيقَاعِ قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ فِي الْمُسَوَّدَةِ فِي الْبُيُوع بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ أَلْفَاظَ الْعُقُودِ بِالْمَاضِي وَالْمُضَارِعِ وَاسْمِ الْفَاعِلِ وَاسْمِ الْمَفْعُولِ وَإِنَّهَا لَا تَنْعَقِدُ بِالْمُضَارِعِ وَمَا كَانَ مِنْ هَذِهِ الْأَلْفَاظُ مُحْتَمِلًا فَإِنَّهُ يَكُون كِنَايَةً حَيْثُ تَصِحُّ الْكِنَايَةُ كَالطَّلَاقِ وَنَحْوِهِ وَيُعْتَبَرُ دَلَالَاتِ الْأَحْوَالِ وَهَذَا الْبَابُ عَظِيمُ الْمَنْفَعَةِ خُصُوصًا فِي الْخُلْعِ وَبَابِهِ.
(وَإِذَا أَتَى بِصَرِيحِ الطَّلَاقِ) غَيْرَ حَاكٍ وَنَحْوَهُ (وَقَعَ؛ نَوَاهُ أَوْ لَمْ يَنْوِهِ) لِأَنَّ سَائِرَ الصَّرَائِحِ لَا تَفْتَقِر إلَى نِيَّةٍ فَكَذَا صَرِيحُ الطَّلَاقِ فَيَقَعُ.
(وَلَوْ كَانَ) الْآتِي بِالصَّرِيحِ (هَازِلًا أَوْ لَاعِبًا) حَكَاهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ إجْمَاعُ مَنْ يَحْفَظُ عَنْهُ وَسَنَدُهُ مَا رَوَى أَبُو هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا «ثَلَاثٌ جَدُّهُنَّ جَدٌّ وَهَزْلُهُنَّ جَدٌّ النِّكَاحُ وَالطَّلَاقُ وَالرَّجْعَةُ» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ وَقَالَ حَسَنٌ غَرِيبٌ (أَوْ) كَانَ (مُخْطِئًا) قِيَاسًا عَلَى الْهَازِلِ (وَهُوَ) أَيْ قَوْلُهُ أَنْتِ طَالِقٌ وَنَحْوُهُ (إنْشَاءٌ) كَسَائِرِ صِيَغِ الْفُسُوخِ وَالْعُقُودِ (وَقَالَ الشَّيْخُ هَذِهِ صِيَغُ إنْشَاءٍ مِنْ حَيْثُ إنَّهَا تُثْبِتُ الْحُكْمَ وَبِهَا تَمَّ وَهِيَ أَخْبَارٌ لِدَلَالَتِهَا عَلَى الْمَعْنَى الَّذِي فِي النَّفْسِ) وَهَذَا الْمَعْنَى الَّذِي أَشَارَ إلَيْهِ يَطَّرِد فِي كُلِّ إنْشَاءٍ وَطَلَبٍ.
(وَإِنْ قَالَ امْرَأَتِي طَالِقٌ أَوْ) قَالَ (عَبْدِي حُرٌّ أَوْ) قَالَ (أَمَتِي حُرَّةٌ وَأَطْلَقَ النِّيَّةَ) فَلَمْ يَنْوِ مُعَيَّنًا وَلَا مُبْهَمًا مِنْ زَوْجَاته وَلَا عَبِيدِهِ وَلَا إمَائِهِ (طَلَّقَ جَمِيعَ نِسَائِهِ وَعَتَقَ عَبِيدُهُ وَإِمَاؤُهُ) لِأَنَّهُ مُفْرَدٌ مُضَافٌ فَيَعُمُّ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْعِتْقِ.
(وَلَوْ قَالَ) لِامْرَأَتِهِ (كُلَّمَا قُلْتِ لِي شَيْئًا وَلَمْ أَقُلْ لَكِ مِثْلَهُ فَأَنْتِ طَالِقٌ فَقَالَتْ لَهُ: أَنْتِ طَالِقٌ بِفَتْحِ التَّاءِ أَوْ كَسْرِهَا فَلَمْ يَقُلْهُ) طَلُقَتْ لِوُجُودِ الصِّفَةِ (أَوْ قَالَهُ طَلُقَتْ) لِأَنَّهُ وَاجَهَهَا بِالطَّلَاقِ (وَلَوْ) قَالَهُ وَعَلَّقَهُ (بِشَرْطٍ) طَلُقَتْ أَيْضًا لِأَنَّهُ لَمْ يَقُلْ لَهَا مِثْلَهُ لِأَنَّ الْمُعَلَّقَ غَيْرُ الْمُنْجَزِ قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ: وَلَهُ التَّمَادِي إلَى قُبَيْلِ الْمَوْتِ انْتَهَى وَلَوْ نَوَى فِي وَقْتِ كَذَا وَنَحْوِهِ تَخَصَّصَ بِهِ لِأَنَّ تَخْصِيصَ اللَّفْظِ الْعَامِّ بِالنِّيَّةِ كَثِيرًا أَشَارَ إلَيْهِ فِي بَدَائِعِ الْفَوَائِدِ وَتَبِعَهُ فِي الْمُنْتَهَى وَغَيْرِهِ وَمُجَرَّدُ النِّيَّةِ لَا يُخْرِجُ لَفْظَهُ عَنْ مُمَاثَلَةِ لَفْظِهَا (وَإِنْ قَالَ لَهَا) أَيْ لِمَنْ قَالَ لَهُمَا كُلَّمَا قُلْتِ لِي شَيْئًا وَلَمْ أَقُلْ لَكِ مِثْلَهُ فَأَنْتِ طَالِقٌ وَقَالَتْ لَهُ أَنْتَ طَالِقٌ (أَنْتَ طَالِقُ بِفَتْحِ التَّاءِ طَلُقَتْ) كَمَا لَوْ وَاجَهَهَا بِذَلِكَ ابْتِدَاءً لِلْإِشَارَةِ وَالتَّعْيِينِ فَسَقَطَ حُكْمُ اللَّفْظِ.
(وَإِنْ) قَالَ لِزَوْجَتِهِ أَنْتِ طَالِقٌ وَ(ادَّعَى أَنَّهُ أَرَادَ بِقَوْلِهِ طَالِق مِنْ وَثَاقٍ أَوْ) ادَّعَى أَنَّهُ (أَرَادَ أَنْ يَقُولَ: أَطْلَقْتُكِ فَسَبَقَ لِسَانُهُ فَقَالَ: طَلَّقْتُكِ أَوْ) ادَّعَى أَنَّهُ (أَرَادَ أَنْ يَقُولَ: طَاهِرٌ فَسَبَقَ لِسَانُهُ) فَقَالَ طَالِقٌ (أَوْ) ادَّعَى أَنَّهُ (أَرَادَ بِقَوْلِهِ) أَنْتِ (مُطَلَّقَةٌ مِنْ زَوْجٍ كَانَ قَبْلَهُ لَمْ تَطْلُقْ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ) تَعَالَى لِأَنَّهُ أَعْلَمُ بِنِيَّتِهِ (وَلَمْ يُقْبَلْ) ذَلِكَ مِنْهُ (فِي الْحُكْمِ) لِأَنَّهُ خِلَافُ مَا يَقْتَضِيهِ الظَّاهِرُ عُرْفًا وَإِذْ يَبْعُدُ إرَادَةُ ذَلِكَ (وَكَذَا الْحُكْمُ لَوْ قَالَ) لَهَا أَنْتِ طَالِقٌ.
وَقَالَ (أَرَدْتُ إنْ قُمْتِ فَتَرَكْتَ الشَّرْطَ وَلَمْ أُرِدْ طَلَاقًا) أَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ إنْ قُمْتِ وَقَالَ أَرَدْتُ وَقَعَدْتِ فَتَرَكْتُهُ وَلَمْ أُرِدْ طَلَاقًا فَيُدَيَّنُ وَلَا يُقْبَلُ حُكْمًا (فَإِنْ صَرَّحَ فِي اللَّفْظِ بِالْوَثَاقِ فَقَالَ طَلَّقْتُكِ مِنْ وَثَاقِي أَوْ مِنْ وَثَاقٍ لَمْ يَقَعْ) عَلَيْهِ الطَّلَاقُ لِأَنَّ مَا يَتَّصِل بِالْكَلَامِ يَصْرِفهُ عَنْ مُقْتَضَاهُ كَالِاسْتِثْنَاءِ وَالشَّرْط.
(وَلَوْ قِيلَ لَهُ) أَيْ لِلزَّوْجِ (أَطَلُقَتْ امْرَأَتَكَ؟ أَوْ) قِيلَ لَهُ (امْرَأَتُكَ طَالِقٌ؟ فَقَالَ نَعَمْ) وَأَرَادَ الْكَذِبَ طَلُقَتْ لِأَنَّ نَعَمْ صَرِيحٌ فِي الْجَوَابِ وَالْجَوَابُ الصَّرِيحُ بِلَفْظٍ صَرِيحٍ أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ قِيلَ لَهُ: أَلِفُلَانٍ عَلَيْكَ كَذَا؟ فَقَالَ نَعَمْ كَانَ إقْرَارًا (أَوْ) قِيلَ لَهُ (أَلَك امْرَأَةٌ فَقَالَ قَدْ طَلَّقْتهَا وَأَرَادَ الْكَذِبَ طَلُقَتْ) لِأَنَّهُ صَرِيحٌ يَحْتَاجُ إلَى نِيَّةِ (وَلَوْ قِيلَ لَهُ أَلَكَ امْرَأَةٌ؟ فَقَالَ لَا وَأَرَادَ الْكَذِبِ لَمْ تَطْلُقْ) لِأَنَّهُ كِنَايَةٌ وَمَنْ أَرَادَ الْكَذِبَ لَمْ يَنْوِ الطَّلَاقَ (وَلَوْ حَلَفَ بِاَللَّهِ عَلَى ذَلِكَ) أَيْ عَلَى أَنَّهُ لَا امْرَأَةَ لَهُ وَلَمْ يُرِدْ بِهِ الطَّلَاقَ (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يُرِدْ بِهِ الْكَذِبُ بَلْ نَوَى الطَّلَاقَ (طَلُقَتْ) امْرَأَتُهُ كَسَائِرِ الْكِنَايَات.
(وَلَوْ قِيلَ لَهُ: أَطَلُقَتْ امْرَأَتَكَ؟ فَقَالَ قَدْ كَانَ بَعْضُ ذَلِكَ فَإِنْ أَرَادَ) بِذَلِكَ (الْإِيقَاعَ وَقَعَ) كَالْكِنَايَةِ (وَإِنْ قَالَ أَرَدْتُ أَنِّي عَلَّقْتُ طَلَاقَهَا بِشَرْطِ) وَلَمْ يُوجَدْ قُبِلَ مِنْهُ ذَلِكَ لِأَنَّ لَفْظَهُ يَحْتَمِلُهُ.
(وَلَوْ قِيلَ لَهُ) أَيْ لِلزَّوْجِ (أَخْلَيْتَهَا) أَيْ أَخْلَيْتَ زَوْجَتَكَ (وَنَحْوَهُ وَقَالَ نَعَمْ فَكِنَايَةٌ) لَا تَطْلُقُ بِذَلِكَ حَتَّى يَنْوِيَ بِهِ الطَّلَاقَ لِأَنَّ السُّؤَالَ مُنْطَوٍ فِي الْجَوَابِ وَهُوَ كِنَايَةٌ (وَكَذَا لَيْسَ لِي امْرَأَةٌ أَوْ لَيْسَتْ لِي امْرَأَةٌ أَوْ لَا امْرَأَةَ لِي) فَهُوَ كِنَايَةٌ لَا يَقَعُ إلَّا بِنِيَّةٍ وَلَوْ نَوَى أَنَّهُ لَيْسَ لِي امْرَأَةٌ تَخْدُمنِي أَوْ لَيْسَ امْرَأَةٌ تُرْضِينِي أَوْ لَمْ يَنْوِ شَيْئًا لَمْ يَقَعْ طَلَاقُهُ.
(وَمَنْ أَشْهَدَ بَيِّنَةً عَلَى نَفْسِهِ بِطَلَاقِ ثَلَاثٍ) أَيْ أَقَرَّ أَنَّهُ وَقَعَ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ الثَّلَاثَ وَكَانَ تَقَدَّمَ مِنْهُ يَمِينٌ تَوَهَّمَ وُقُوعَهَا عَلَيْهِ (ثُمَّ اسْتَفْتَى) عَنْ يَمِينِهِ (فَأُفْتِي بِأَنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ) فِيهَا (لَمْ يُؤَاخَذْ بِإِقْرَارِهِ) بِوُقُوعِ الطَّلَاقِ الثَّلَاثِ (لِمَعْرِفَةِ مُسْتَنَدِهِ) فِي إقْرَارِهِ بِوُقُوعِ الطَّلَاقِ (وَيُقْبَلُ) قَوْلُهُ بِ (يَمِينِهِ أَنَّ مُسْتَنَدَهُ ذَلِكَ فِي إقْرَارِهِ) إنْ كَانَ (مِمَّنْ يَجْهَلُ مِثْلَهُ ذَكَرَهُ الشَّيْخُ) وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُنْتَهَى لَكِنْ مُقْتَضَى كَلَامِهِ فِي شَرْحِهِ: أَنَّ الْمُقَدَّمَ يُقْبَلُ قَوْلُهُ بِغَيْرِ يَمِينٍ (وَتَقَدَّمَ ذَلِكَ آخِرَ بَابِ الْخُلْعِ)،.
(وَلَوْ قِيلَ لَهُ: أَلَمْ تُطَلِّقْ امْرَأَتَكَ؟ فَقَالَ: بَلَى طَلُقَتْ) لِأَنَّهَا جَوَابُ النَّفْيِ (وَإِنْ قَالَ نَعَمْ طَلُقَتْ امْرَأَةُ غَيْرِ النَّحْوِيِّ) لِأَنَّهُ لَا يُفَرِّقُ بَيْنَهُمَا فِي الْجَوَابِ بِخِلَافِ النَّحْوِيِّ فَلَا تَطْلُقُ امْرَأَتُهُ لِأَنَّ نَعَمْ لَيْسَتْ جَوَابًا لِلنَّفْيِ وَيَأْتِي تَحْقِيقُهُ فِي الْإِقْرَارِ.
(وَإِنْ لَطَمَ امْرَأَتَهُ أَوْ أَطْعَمَهَا أَوْ سَقَاهَا أَوْ أَلْبَسَهَا ثَوْبًا أَوْ أَخْرَجَهَا مِنْ دَارِهَا أَوْ قَبَّلَهَا وَنَحْوَهُ) كَمَا لَوْ دَفَعَ إلَيْهَا شَيْئًا (فَقَالَ هَذَا طَلَاقُك طَلُقَتْ فَهُوَ صَرِيحٌ) نَصَّ عَلَيْهِ لِأَنَّ ظَاهِرَ هَذَا اللَّفْظِ جَعَلَ هَذَا الْفِعْلَ طَلَاقًا مِنْهُ، فَكَأَنَّهُ قَالَ أَوْقَعْتُ عَلَيْكِ طَلَاقًا هَذَا الْفِعْلُ مِنْ أَجْلِهِ لِأَنَّ الْفِعْلَ بِنَفْسِهِ لَا يَكُونُ طَلَاقًا فَلَا بُدَّ مِنْ تَقْدِيرِهِ فِيهِ لِيَصِحَّ لَفْظُهُ بِهِ، فَيَكُونُ صَرِيحًا فِيهِ يَقَع بِهِ مِنْ غَيْرِ نِيَّةٍ (فَلَوْ فَسَّرَهُ بِمُحْتَمَلٍ) أَيْ بِمَا يَحْتَمِلُ عَدَمَ الْوُقُوعِ (أَوْ نَوَى أَنَّ هَذَا سَبَبُ طَلَاقِكِ) فِي زَمَانٍ بِقَدْرِ هَذَا الزَّمَانِ (قُبِلَ) مِنْهُ ذَلِكَ (حُكْمًا) لِأَنَّ لَفْظَهُ يَحْتَمِلُهُ وَلَا مَانِعَ يَمْنَعُهُ.
(وَإِنْ طَلَّقَ) زَوْجَتَهُ (أَوْ ظَاهَرَ مِنْهَا، ثُمَّ قَالَ عَقِبَهُ لِضَرَّتِهَا: شَرَكْتُك مَعَهَا، أَوْ أَنْتِ مِثْلُهَا، أَوْ أَنْتِ كَهِيَ أَوْ أَنْتِ شَرِيكَتُهَا فَصَرِيحٌ فِي الضَّرَّةِ فِي الطَّلَاقِ وَالظِّهَارِ) لَا يَحْتَاجُ إلَى نِيَّةٍ لِأَنَّهُ جَعَلَ الْحُكْمَ فِيهِمَا وَاحِدًا، إمَّا بِالشَّرِكَةِ فِي اللَّفْظَةِ أَوْ بِالْمُمَاثَلَةِ، وَهَذَا لَا يَحْتَمِلُ غَيْرَ مَا فُهِمَ مِنْهُ فَكَانَ صَرِيحًا كَمَا لَوْ أَعَادَهُ عَلَيْهَا بِلَفْظِهِ (وَيَأْتِي) حُكْمُ (الْإِيلَاءِ) فِي بَابِهِ.
(وَإِنْ قَالَ) لِامْرَأَتِهِ (أَنْتِ طَالِقُ لَا شَيْءَ) طَلُقَتْ (أَوْ) أَنْتِ طَالِقُ (طَلْقَةً لَا تَقَعُ عَلَيْكِ أَوْ لَا يَنْقُصُ بِهَا عَدَدُ الطَّلَاقِ طَلُقَتْ) لِأَنَّ ذَلِكَ رَفْعٌ لِجَمِيعِ مَا أَوْقَعَهُ، فَلَمْ يَصِحَّ كَاسْتِثْنَاءِ الْجَمِيعِ وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ خَبَرًا فَهُوَ كَذِبٌ لِأَنَّ الشَّيْءَ إذَا أَوْقَعَهُ وَقَعَ.
(وَ) إنْ قَالَ لَهَا (أَنْتِ طَالِقُ أَوْ لَا أَوْ) أَنْتِ (طَالِقُ وَاحِدَةً أَوْ لَا لَمْ يَقَعْ) طَلَاقُهُ لِأَنَّ هَذَا اسْتِفْهَامٌ فَإِذَا اتَّصَلَ بِهِ خَرَجَ عَنْ أَنْ يَكُونَ لَفْظًا لِإِيقَاعِ الطَّلَاقِ، وَتُخَالِفُ الْمَسْأَلَةَ قَبْلَهَا لِأَنَّهُ إيقَاعٌ لَمْ يُعَارِضْهُ اسْتِفْهَامٌ.
(وَإِنْ كَتَبَ صَرِيحَ طَلَاقِهَا) أَيْ امْرَأَتِهِ (بِمَا يَتَبَيَّنُ) أَيْ يَظْهَرُ (وَقَعَ) الطَّلَاقُ (وَإِنْ لَمْ يَنْوِهِ) لِأَنَّ الْكِتَابَةَ حُرُوفٌ يُفْهَمُ مِنْهَا الطَّلَاقُ أَشْبَهَتْ النُّطْقَ وَلِأَنَّ الْكِتَابَةَ تَقُومُ مَقَامَ قَوْلِ الْكَاتِبِ بِدَلِيلِ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ مَأْمُورًا بِتَبْلِيغِ الرِّسَالَةِ، فَبَلَّغَ بِالْقَوْلِ مَرَّةً وَبِالْكِتَابَةِ أُخْرَى، وَلِأَنَّ كِتَاب الْقَاضِي يَقُوم مَقَامَ لَفْظِهِ فِي إثْبَاتِ الدُّيُونِ وَيَتَوَجَّهُ عَلَيْهِ صِحَّةُ الْوِلَايَةِ بِالْخَطِّ ذَكَرَهُ فِي الْفُرُوعِ وَإِنْ كَتَبَ كِنَايَةً طَلَاقِهَا بِمَا يُبَيِّنُ فَهُوَ كِنَايَةٌ عَلَى قِيَاسِ مَا قَبْلَهُ (وَإِنْ نَوَى) بِكِتَابِهِ طَلَاقَ امْرَأَتِهِ (تَجْوِيدَ خَطِّهِ أَوْ غَمَّ أَهْلِهِ أَوْ تَجْرِبَةَ قَلَمِهِ لَمْ يَقَعْ) طَلَاقُهُ لِأَنَّهُ إذَا نَوَى تَجْوِيدَ خَطِّهِ أَوْ تَجْرِبَةَ قَلَمِهِ (لَمْ يَقَعْ طَلَاقُهُ؛ لِأَنَّهُ إذَا نَوَى تَجْوِيدَ خَطِّهِ أَوْ تَجْرِبَةَ قَلَمِهِ) وَنَحْوَهُ فَقَدْ نَوَى غَيْرَ الطَّلَاقِ وَلَوْ نَوَى بِاللَّفْظِ غَيْرَ الْإِيقَاعِ لَمْ يَقَعْ فَهُنَا أَوْلَى وَمَا وَرَدَ مِنْ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «عُفِيَ لِأُمَّتِي عَمَّا حَدَّثَتْ بِهِ أَنْفُسَهَا مَا لَمْ تَتَكَلَّمْ أَوْ تَعْمَلْ بِهِ» إنَّمَا يَدُلّ عَلَى مُؤَاخَذَتِهِمْ بِمَا نَوَوْهُ عِنْدَ الْعَمَلِ بِهِ وَهَذَا لَمْ يَنْوِ طَلَاقًا يُؤَاخَذُ بِهِ (وَيُقْبَلُ) مِنْهُ ذَلِكَ (حُكْمًا) لِأَنَّ ذَلِكَ يُقْبَلُ فِي اللَّفْظِ الصَّرِيحِ عَلَى قَوْلٍ فَهُنَا أَوْلَى.
(وَإِنْ كَتَبَهُ) أَيْ صَرِيحَ طَلَاقِ امْرَأَتِهِ (بِشَيْءٍ لَا يَتَبَيَّنُ مِثْلَ إنْ كَتَبَهُ بِإِصْبَعِهِ عَلَى وِسَادَةٍ وَنَحْوِهَا، أَوْ عَلَى شَيْءٍ لَا يَثْبُتُ عَلَيْهِ خَطٌّ كَالْكِتَابَةِ عَلَى الْمَاءِ أَوْ فِي الْهَوَاءِ لَمْ يَقَعْ) طَلَاقُهُ لِأَنَّ هَذِهِ الْكِتَابَةَ بِمَنْزِلَةِ الْهَمْسِ بِلِسَانِهِ بِمَا لَا يُسْمَعُ (فَلَوْ قَرَأَ مَا كَتَبَهُ وَقَصَدَ الْقِرَاءَة لَمْ يَقَعْ) طَلَاقُهُ، كَلَفْظِ الطَّلَاقِ إذَا قَصَدَ بِهِ الْحِكَايَةَ وَنَحْوَهَا وَيُقْبَل مِنْهُ ذَلِكَ حُكْمًا.
(وَيَقَعُ بِإِشَارَةٍ مَفْهُومَةٍ مِنْ أَخْرَسَ فَقَطْ) لِأَنَّهُ يُفْهَمُ مِنْهَا الطَّلَاقُ أَشْبَهَتْ الْكِتَابَةَ (فَلَوْ لَمْ يَفْهَمْهَا) أَيْ الْإِشَارَةَ (إلَّا الْبَعْضُ فَكِنَايَةٌ) بِالنِّسْبَةِ إلَيْهِ (وَتَأْوِيلُهُ) أَيْ الْأَخْرَسُ (مَعَ الصَّرِيحِ) مِنْ الْإِشَارَةِ (كَالنُّطْقِ) أَيْ كَتَأْوِيلِهِ مَعَ النُّطْقِ فِيمَا يُقْبَل أَوْ يُرَدُّ عَلَى مَا تَقَدَّمَ تَفْصِيلُهُ.
تتمة:
قَالَ فِي الشَّرْحِ: وَإِنْ أَشَارَ الْأَخْرَسُ بِأَصَابِعِهِ الثَّلَاثِ لَمْ يَقَعْ إلَّا وَاحِدَةٌ لِأَنَّ إشَارَتَهُ لَا تَكْفِي انْتَهَى وَفِيهِ نَظَرٌ إذَا نَوَاهُ (وَكِتَابَتُهُ) أَيْ الْأَخْرَسِ بِمَا يُبَيِّنُ (طَلَاقَ) كَالنَّاطِقِ وَأَوْلَى (فَأَمَّا الْقَادِرُ عَلَى الْكَلَامِ فَلَا يَصِحُّ طَلَاقُهُ بِإِشَارَةٍ) وَلَوْ كَانَتْ مَفْهُومَةً لِقُدْرَتِهِ عَلَى النُّطْقِ.
(وَصَرِيحُهُ) أَيْ الطَّلَاقِ (بِلِسَانِ الْعَجَم بِهَشْتَم) بِكَسْرِ الْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ وَسُكُونِ الشِّينِ الْمُعْجَمَةِ وَفَتْحِ الْمُثَنَّاةِ فَوْقَ، لِأَنَّ هَذِهِ اللَّفْظَةَ فِي لِسَانِهِمْ مَوْضُوعَةٌ لِلطَّلَاقِ يَسْتَعْمِلُونَهَا فِيهِ فَأَشْبَهَتْ لَفْظَ الطَّلَاقِ بِالْعَرَبِيَّةِ، وَلَوْ لَمْ تَكُنْ هَذِهِ اللَّفْظَةُ صَرِيحَةً فِي لِسَانِهِمْ لَمْ يَكُنْ فِي الْعَجَمِيَّةِ صَرِيحٌ لِلطَّلَاقِ، وَلَا يَضُرُّ كَوْنُهُ بِمَعْنَى خَلَّيْتُكِ فَإِنَّ مَعْنَى طَلَّقْتُكِ: خَلَّيْتُكِ أَيْضًا إلَّا أَنَّهُ لَمَّا كَانَ مَوْضُوعًا لَهُ وَمُسْتَعْمَلًا فِيهِ كَانَ صَرِيحًا (فَإِذَا قَالَهُ) أَيْ بِهَشْتَم (مَنْ يَعْرِفُ مَعْنَاهُ) مِنْ عَرَبِيٍّ أَوْ عَجَمِيٍّ (وَقَعَ نَوَاهُ) مِنْ وَاحِدَةٍ أَوْ أَكْثَرَ (لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ حَدٌّ مِثْلُ الْكَلَامِ الْعَرَبِيِّ) فَإِنْ أَطْلَقَ فَوَاحِدَةٌ (فَإِنْ زَادَ بِسَيَّارِ طَلُقَتْ ثَلَاثًا) لِأَنَّ مُؤَدَّاةُ ذَلِكَ فِي لُغَتِهِمْ (وَإِنْ قَالَهُ عَرَبِيّ وَلَا يَفْهَمُهُ) لَمْ يَقَع (أَوْ نَطَقَ عَجَمِيّ بِلَفْظِ الطَّلَاقِ) بِالْعَرَبِيَّةِ (وَلَا يَفْهَمهُ لَمْ يَقَعْ) طَلَاقُهُ لِأَنَّهُ لَمْ يَخْتَرْ الطَّلَاقَ لِعَدَمِ عِلْمِهِ مَعْنَاهُ (وَإِنْ نَوَى مُوجَبَهُ) أَيْ مُوجَبَ هَذَا الْقَوْلِ الَّذِي لَمْ يَعْرِفْ مَعْنَاهُ لِأَنَّهُ لَا يَتَحَقَّقُ اخْتِيَارُهُ لِمَا يَعْلَمُهُ أَشْبَهَ مَا لَوْ نَطَقَ بِكَلِمَةِ الْكُفْرِ مَنْ لَا يَعْرِفُ مَعْنَاهَا.